الندوات الحضورية والندوات عبر الإنترنت والفعاليات رفيعة المستوى

حلقة نقاشية رفيعة المستوى بعنوان إصلاح القطاع العام من أجل حوكمة أفضل

18 نوفمبر 2019

 

 

 

عقد مركز صندوق النقد الدولي للاقتصاد والتمويل في الشرق الأوسط والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي حلقة نقاشية رفيعة المستوى بعنوان “إصلاح القطاع العام من أجل حوكمة أفضل”.واستضاف الصندوق العربي الفعالية بمقره يوم الإثنين 18 نوفمبر 2019.

 

وترأس الحلقية النقاشية وأدار الحوار فيها معالي الدكتور يوسف الإبراهيم، المستشار الاقتصادي في الديوان الأميري.  وشارك في الحلقة د. فيتور غاسبار، مدير إدارة شؤون المالية العامة لدى صندوق النقد الدولي، والسيدة غادة خلف مدير مشروع (إصلاح وتطوير الإدارة الحكومية) في دولة الكويت.  وتناول السيد غاسبار في نقاشه إصلاحات القطاع العام الرامية إلى تعزيز إطار الحوكمة بناء على تجارب البلدان من مختلف مناطق العالم.  وركزت السيدة غادة خلف في مداخلتها على الإصلاحات الحكومية التي تساعد على تحقيق رؤية الكويت عام 2035 “كويت جديدة” ضمن المشروع الذي يقوده المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية بالاشتراك مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.

وأشار معالي الدكتور يوسف الإبراهيم في مستهل حديثه إلى أن الحلقة النقاشية تهدف إلى تحفيز إجراء حوار مفتوح بشأن مستجدات التحديات الاقتصادية التي تواجه واضعي السياسات في دولة الكويت والمجتمع العربي الأرحب.  كما ناقش أهمية إصلاحات القطاع العام في تحقيق حوكمة أفضل في العالم العربي، واستعرض التدابير الأساسية المطلوبة لتعزيز مؤسسات المالية العامة لا سيما تلك التي تخلق بيئة مواتية لتعزيز كفاءة القطاع العام، وشفافيته وخضوعه للمساءلة.

واستهل السيد غاسبار عرضه بالحديث عن أمبروجيو لورينزيتي ورمزية “الحكومة الجيدة والحكومة السيئة” في جداريته التي تزين ميدان “بلاتزو بوبليكو” الرئيسي وسط مدينة سيينا الإيطالية، وهي جدارية تعبر بشكل مجازي عن الفلسفة السياسية وراء مفهوم الحوكمة.  وتكشف الجدارية عن مكنونها الرمزي في جزئية ذات دلالة أكثر من غيرها تُظهر الحاكم وقد تصدر المشهد وسط اللوحة مقيد اليدين بحبل متصل بميزان العدل مرورا بالمواطنين.  وبعبارة أخرى، ترتبط الحكومة الجيدة بالقيود والضوابط المؤسسية الموجودة في أيدي المجتمع المدني النشط والحريص على المشاركة.

وقال د. غاسبار إن ضعف مكافحة الفساد يُعد أحد أعراض الحوكمة السيئة.  كما شبّه د. غاسبار الحوكمة بنظام السباكة الذي تتدفق موارد الاقتصاد عبر جميع قنواته، مؤكدا على أن الفساد يتسبب بحصول حالات تسرب تقوض من فعالية السياسات العامة، وتقود على نحو أهم إلى النيْل من مصداقية الحكومة بين المواطنين.  وتوصلت أحدث الدراسات التحليلية التي أجراها صندوق النقد الدولي إلى أدلة تثبت أهمية الدور الذي تؤديه مؤسسات المالية العامة في الوقاية من الفساد واحتوائه، حيث تُوجد علاقة ارتباط على سبيل المثال بين شفافية المالية العامة وتدني العبء الإداري، وانخفاض مستويات انتشار الفساد.

وفي معرض التركيز على الأهمية الجوهرية لتعزيز شفافية المالية العامة كإحدى سبل إلزام الحكومات بمبادئ المساءلة، أكد د. غاسبار على الأهمية المركزية التي تكتسيها شفافية التعامل مع المال العام لضمان توظيفه بما يلبي احتياجات المواطن وتحقيق كامل معالم المساءلة.

وأضاف د. غاسبار أن استخدام الميزانيات العمومية في القطاع العام يُعد من أساليب رفع مستويات الشفافية والمساءلة.  ولذلك السبب تحديداً، شرع صندوق النقد الدولي في الدعوة إلى اعتماد الميزانيات العمومية في القطاع العام، مؤكداً على أن الذهاب إلى ما هو أبعد من مجرد التركيز على التدفقات المالية وأشكال العجز لمعرفة ما تملكه الدولة أو ما يترتب عليها من ديون، يفتح الباب أمام إجراء حوار مستنير بين المواطن والدولة.  كما تؤدي الشفافية إلى تحسين جودة المعلومات في مجالات مثل معرفة الآثار عبر الفترات الزمنية للخيارات المتعلقة بالسياسات ومواطن التعرض لمخاطر المالية العامة التي من شأنها أن تعزز من جودة تحرك الحكومة وإجراءاتها.  وعادة ما تجني الحكومات التي تتوخى الشفافية أكثر من غيرها ثمار عملها من خلال تحقيق تصنيف أفضل لجدارتها الائتمانية، وانخفاض تكلفة حصولها على التمويل.

وأشار د. غاسبار إلى أن المنهج القائم على استخدام الميزانية العمومية في القطاع العام يكتسي أهمية من نوع خاص في البلدان الغنية بالموارد الطبيعية لا سيما وأن تلك الموارد بإمكانها أن تهيمن على أصول القطاع العام في البلدان المنتجة للسلع الأولية كما هي الحال في النرويج، وكازاخستان وغيانا.  ويتسدعي الحجم الكبير لتلك الأصول وجود ترتيبات قوية على صعيد الحوكمة وعلى المستوى المؤسسي، إلا أن البلدان الغنية بالموارد تعاني بشكل عام من ضعف مؤسساتها مقارنة بالبلدان الأخرى.

وأكد د. غاسبار على أنه لا مفر من بناء القدرات الضريبية لتحقيق الشفافية والمساءلة لا سيما وأنها ضرورية لرفع قدرات الدولة عموماً كشرط لتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية، مضيفاً أن وجود نظام ضريبي حديث سيوفر فرصة لبناء المؤسسات والقدرات اللازمة لتطبيقه.  كما إن إصلاح المنظومة الضريبية سوف يحسن الجودة ومدركات العدل والإنصاف لأنه ينبغي لمعظم المستفيدين من خدمات الحكومة اليوم أن يدفعوا ضريبة لتمويل الموازنة، وهو ما سوف يتيح بهذه الطريقة الحفاظ على المزيد من إيرادات النفط للأجيال القادمة، وتعزيز المساواة بين الأجيال جراء ذلك.  وأخيرا، تخلق الضرائب رابطاً بين الحكومات والمواطنين يشجع على المساءلة في سياق إدارة المالية العامة.  ومن المحتمل أن يؤدي تمويل الموازنة عن طريق الضرائب إلى رفع مستويات مساءلة الحكومة، والحد بالتالي من حجم الإنفاق الحكومي مقارنةً بتمويله من الإيرادات النفطية.

وبعد عرض د. غاسبار، استهلت السيدة غادة خلف حديثها بالإشارة إلى الرغبة السامية لصاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد في إصلاح الإدارة الحكومية في دولة الكويت بموجب رؤية عام 2035 “كويت جديدة”، وأشارت إلى أن تلك الرؤية قد أصبحت أساساً لدراسة مشروع (إصلاح وتطوير الإدارة الحكومية)، حيث أعقب إقرار الدراسة من مجلس الوزراء إطلاق الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية مبادرة استراتيجية تأتي ضمن ركيزة الإدارة الحكومية في رؤية 2035 لإصلاح وتطوير الإدارة الحكومية.  وتتعاون الأمانة العامة بشكل وثيق مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي من أجل تزويد صناع السياسات بالتصورات العلمية القائمة على الأدلة في هذا السياق.  كما يستفيد المشروع من مزايا اتفاقيات الشراكة التي أبرمتها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي مع الجامعات المرموقة والمؤسسات البحثية الدولية، ومن شبكة خبرائها المحلية في هذا المجال.

وتهدف الدراسة إلى إصلاح الممارسات الإدارية والبيروقراطية المعتمدة لدى حكومة دولة الكويت، وتعزيز جوانب النزاهة والشفافية والمساءلة لديها بالإضافة إلى تطوير مستويات فعاليتها وكفائتها.  واختتمت السيدة غادة خلف حديثها بعرض تفاصيل مساهمة المشروع المتوقعة في تحقيق الأهداف آنفة الذكر على الأجل القصير، وعلى مدار العقود القادمة من أجل إنجاز رؤية 2035 “كويت جديدة”.

وقبل ختام الحلقة تم فتح باب النقاش مع الحضور من ممثلي القطاع العام، ومجتمع الأعمال والبنوك، والأكاديميين والمنظمات الدولية والمجتمع المدني.

 

:شاهد الندوة

:يرجى اتباع الروابط أدناه لمشاهدة التسجيلات الكاملة للندوة